عبد الرحمن سعد العرابي

* بدون أدنى شك شكَّل معرض جدة للكتاب تظاهرة ثقافية بكل تجلياتها.. وطغى على الحديث المجتمعي.. الكتب، النشاطات، الحركة… إلى آخره ، ولم يعد للمجتمع المحلي حديث سوى المعرض.

* هكذا حال تُدخل كثيرين إلى مناطق الدهشة والانبهار

فيرون الحدث فريدًا.. وهم مُحقّون خاصة في ظل

انعدام الاستمرارية.. لكن النخب ومتخصصي علم الاجتماع يُدركون أن ذلك ليس سوى جزء اعتيادي جدًّا من حركة المجتمع المدني.

* المجتمع المدني إنما هو ممارسة متحضرة لكل الأفعال الإنسانية، احتياجاتها، إفرازاتها، منجزاتها..* وهو في ذلك يتمثل في كل أنشطته أهدافًا حضارية تنعكس إيجابًا على تطوُّر أفراده.. فمعارض الكُتب على سبيل المثال

إنما هي تلبية طبيعية اعتيادية لحاجة مجتمعها لحراك فكري مستمر ودائم.. كما أنها فضاء إنساني رفيع جدًّا

لإبراز قدرات ومواهب وثروات المجتمع.. فالوجود لعددٍ كبير من دور النشر تحت سقف واحدة لا يتم على مدار العام، بل خلال فترة محددة تكون هذه الفترة فرصة لأبناء المجتمع لمعرفة مدى التحوُّلات والمتغيّرات الفكرية

التي شهدها مجتمعهم المحلي ومحيطه العالمي.

* ونحن في المملكة، وفي عهد «التحوُّل الوطني»

علينا أن نجعل من أولى أولوياتنا خلق البيئة الإنسانية الطبيعية التي يمكن أن يُعايشها كل أفراد المجتمع لإحداث تطوُّر وتنمية حقيقية بكل مرتكزاتها المحلية والعالمية.

* معرض الكتاب إنّما هو مظهر واحد فقط من مظاهر المجتمع المدني الحقيقي.. والمعارض الأخرى المماثلة مثل معارض الفنون، تشكيلية وغيرها.. مسرح، *سيارات، اكتشاف مواهب.. إضافة إلى المهرجانات بكل تنوّعاتها.. حتمًا لا بد وأن تكون ضمن الأجندة المعتادة للمجتمع.. وأن لا تكون مجرد تظاهرات احتفالية وقتية

ينتهي مفعولها وتأثيرها بانتهاء أيام الحدث.. والاهتمام الشعبي العام بمعرض جدة الأخير للكتاب ليس سوى بريق ضوء قد يضيء النفق المعتم الذي يعيشه الفكر بيننا إن أحسنَّا الاستفادة منه وجعلناه دائمًا وضمن الأجندة السنوية وليس طارئًا .

نقلا عن ” المدينة “.