مشاهدة النسخة كاملة : أم كلثوم.. صوت القومية العربية


ناقل الأخبار
2016-02-03, 09:01 PM
باسم محمد – ماب نيوز:





من “مصر التي في خاطري وفي دمي”* و”وقف الخلق ينظرون جميعا كيف أبني قواعد المجد وحدي” و”بغداد” و”على باب مصر” إلى “أنت عمري” و”ألف ليلة وليلة” و”الحب كله” و”أغدا ألقاك”، بعض من قائمة طويلة مكتظة بالأعمال الغنائية، التي صدحت كلماتها النثرية والشعرية في سماء الفن العربي وخلدها صوت كوكب الشرق وسيدة الغناء العربي، أم كلثوم، التي ذاع صيتها شرقًا وغربًا، والتي نجحت في أن ترسم أيقونة الفن العربي الأصيل، القائم على الإمتاع بالألحان والكلمات دون ابتذال، فشدت حنجرتها الذهبية متنقلة بين أبيات السلم الموسيقي والمقامات الموسيقية المختلفة ليس في ألوان أعمالها الغنائية الكثيرة سواء تلك الوطنية أو حتى تلك الرومانسية، بل نحجت أيضًا في أن تنتقل من مقام موسيقي إلى نقيضه في الأغنية الواحدة كما في مطلع أغنية “رق الحبيب”، وهي الأغنية الوحيدة التي اجتمع فيها الثلاثي الذهي، بحسب نقاد فنيين، وهم درة الغناء العربي كوكب الشرق والملحن الموسيقار محمد القصبجي والمؤلف الشاعر أحمد رامي، والتي تنتقل فيها من مقام “نهاوند” في مطلع الأغنية إلى مقام “راست” في نفس المقطع.

أم كلثوم والجيش

فى مايو من عام 1948 ذهبت أم كلثوم إلى فندق الكونتننتال بميدان الأوبرا لتشاهد موكب الجيش المصري المسافر إلى فلسطين ويومها كانت الدنيا لا تسعها من الفرحة وهى تري هؤلاء الجنود وقد عقدوا العزم على تطهير قطعة من الأرض العربية من عصابات إسرائيل وكانت تستمع إلى الإذاعة من أجل متابعة أخبار الجنود في معاركهم، وحينما علمت بحصار الجنود في الفالوجا وبعد نجاحهم في إنشاء قناة اتصال، كان مطلبهم الأول والوحيد هو الاستماع إلى صوت كوكب الشرق عبر أثير الإذاعة فاستجابت لهم وغيرت قائمة إحدى حفلاتها استجابة لمطالب الجنود.





هي فاطمة إبراهيم السيد البلتاجي ولدت في 31 ديسمبر 1898 في قرية طماي الزهايرة بمحافظة الدقهلية المصرية، وكان والدها إبراهيم البلتاجي مؤذن القرية، التابعة لمركز ميت غمر آنذاك “مركز السنبلاوين حاليا”، وتعلمت منذ صغرها حفظ وإلقاء القصائد والتواشيح برفقة أخيها الكبير خالد وبدأت في سن العاشرة الغناء أمام الجمهور في بيت شيخ البلد في قريتها، وبدأ *صيتها يذيع, حين كان عملها مجرد مصدر دخل إضافي للأسرة، إلا أنها تجاوزت أقصى أحلام الأب حين تحولت إلى المصدر الرئيسي لدخل الأسرة, أدرك الأب ذلك عندما أصبح الشيخ خالد ابنه المنشد و الأب ذاته في بطانة ابنته الصغيرة.

الانتقال للقاهرة

بعد عام 1916, تعرف والدها على الشيخين زكريا أحمد وأبو العلا محمد اللذين أتيا إلى السنبلاوين لإحياء ليالي رمضان وبكثير من الإلحاح أقنعا الأب بالانتقال إلى القاهرة ومعه ابنته الصغيرة فاطمة وكانت تلك الخطوة الأولى في مشوارها الفني. حينهاأحيت ليلة الإسراء والمعراج في قصر عز الدين يكن باشا وأعطتها سيدة القصر خاتما ذهبيا وتلقت أم كلثوم 3 جنيهات أجرا لها، وفي عام 1921 عادت إلى القاهرة لكى تستقر نهائيا.وبدأت بالغناء في حفلات كبار القوم, مع كبار مطربات عصرها وعلى رأسهم منيرة المهدية شخصيا والتي كانت تلقب بسلطانة الطرب عام 1923 وفي عام 1924 تعرفت على أحمد رامي وتعرفت على محمد القصبجي الملحن المجدد وقتها في نفس العام 1924وكذلك أول من شعر باختلافها عن باقي مطربات عصرها طبيب الأسنان والموسيقي أحمد صبري النجريدي الذي لحن لها أول ألحان *خاصة بها.



وعلى الرغم من حداثة سنها وعهدها بالغناء إلا أن سيدة الغناء العربي عشقت منذ صغرها وبدايتها الأبيات الشعرية والنثرية، ربما تعود أسباب ذلك إلى نشأتها وأدائها التواشيح، فقدمت مختلف الألوان الفنية الوطنية والرومانسية وكذلك الدينية، ومن أهم النثريات الروحانية التي غنتها أم كلثوم “ولد الهدى” والتي من كلماتها عن سيد الخلق صلى الله عليه وسلم “ولد الهدى فالكائنات ضياء.. وفم الزمان تبسم وثناء”، والتي منذ غنتها أم كلثوم، في أربعينيات القرن الماضي عام 1946 بمناسبة ليلة ذكرى مولد سيدنا محمد بن عبدالله عليه الصلاة والسلام، لا تزال تصدح كل عام في كافة أرجاء الوطن العربي في مناسبات دينية خاصة ليلة ميلاد رسول الله صلى الله عليه وسلم وليلة النصف من شعبان كل عام.

xjpuTZu33qE

ترشيح للوزارة

ورُشحت أم كلثوم لتكون أول وزيرة في حكومة جمال عبد الناصر، حيث رشحها ضمن 10 شخصيات نسائية أخرى لاعتلاء وزارة الشؤون الاجتماعية إلا أن المشير عبدالحكيم عامر اعترض على فكرة أن تكون هناك امرأة ضمن التشكيل الوزاري، فأرجأ عبد الناصر الفكرة حتى عرضها على الكاتب مصطفى أمين والذي اقترح بدوره أن تكون أم كلثوم وزيرة للثقافة، وكانت لكوكب الشرق مواقف وطنية كثيرة، وكانت قريبة من السلطة، فقبل قيام الثورة منحها الملك فاروق أحد الألقاب الرسمية “صاحبة العصمة”، وبمقتضاه تكون مساوية فى البروتوكول لأميرات الأسرة الملكية ما أثار حفيظة نسوة القصر، وبعد حركة الضباط الأحرار عام 1952 اعتبرها البعض معادية لها وقرروا عدم إذاعة أغانيها حتى تدخل جمال عبد الناصر ومنع ذلك.

وقد قامت أم كلثوم بجولات فنية في العديد من الدول العربية والغربية لجمع تبرعات لبناء وتسليح الجيش المصري عقب هزيمة1967، بحسب ما أوضح دكتور سمير محمود قديح، الباحث في الشئون الأمنية والاستراتيجية، في تقرير منشور بجريدة الوطن المصرية بتاريخ 26 فبراير عام 2007.



وعلى الرغم من مرور 41 عاما على ذكرى وفاتها إلا أن أعمالها الفنية مازالت خالدة في الذاكرة الفنية العربية وفي وجدان كافة الشعوب العربية، في كافة المناسبات، ولا تمر ليلة حتى تصدح الإذاعات العربية كإذاعة الشرق الأوسط وإذاعة الأغاني العربية *بإحدى أغاني “الست”، التي داهمها مرض التهاب الكلى فسافرت للعلاج في لندن، وتوفيت في 3 فبراير 1975 بالقاهرة، وقد أرسل لها الأمير عبد الله الفيصل هدية عبارة عن عدة ليترات من ماء زمزم وصلت مباشرة من الأراضي المقدسة كواجب أخير، وشيع جثمانها في جنازه مهيبة خرج بها الآلاف لتوديع صاحبة الحنجرة الذهبية.

Adsense Management by Losha