مشاهدة النسخة كاملة : ثقافة العيب الوظيفي.. حجر العثرة في طريق السعودة


ناقل الأخبار
2016-01-29, 05:38 PM
“العرض والطلب”، ربما ستظل هي أعرق وأقدم وأكثر القواعد الاقتصادية المحوكمة لكافة العلاقات التبادية التجارية وهي أشهر مبدأ اقتصادي والذي تحول لنظرية في العصور المتقدمة للبشرية، وفي كل الأحوال فإن القوة الشرائية “المال” التي بحوزة المشتري و جودة السلع والخدمات وتوافرها واختلافها هي التي تحدد الأسعار “الثمن”، وهي القاعدة ذاتها التي يمكن تطبيقها على عدد من الأسواق والسلع المختلفة كسوق العمل على سبيل المثال الذي يعرض عددا من الفرص والوظائف المتاحة بأسعار وأجور معينة قد تجذب من يحتاج إليها بينما لن يلتفت لها البعض.

وترتبط الأجور في أي مجتمع بالحد الأدنى للمستوى المعيشي المعتاد للأفراد في هذا المجتمع، ففي الوقت الذي رفض البعض فيه امتهان بعض الوظائف لأي من الأسباب المجتمعية أو الاقتصادية يراها آخرون في مجتمعات أخرى فرصة مناسبة وهذه هي النظرية التي بموجبها تزيد أو تنقص العمالة الوافدة الأجنبية في أي قطاع سواء كان عاما أو خاصا في أي بلد.

ولزيادة العمالة الأجنبية “الوافدة” عن العمالة الوطنية المحلية، عدد من المخاطر والمشاكل على الدولة، ففي الوقت الذي تستنزف فيه هذه العمالة الاقتصاد الوطني وربما تبدأ غالبيتها بتحويل أموالها لموطنها الأصلي فإن القدرة الشرائية للعملة *تنخفض بخروج الأموال من حيز هذا السوق بما يؤثر بشكل مباشر على الاقتصاد الوطني وتتأثر به كافة القطاعات المجتمعية والاقتصادية وكذلك العمالة الوطنية التي كانت ترفض بعض الوظائف.

وأشار بندر السفير، في مقاله ” ثقافة العمل.. إلى أين تتجه؟”، بتاريخ 27 يناير الجاري في جريدة اليوم السعودية، إلى أنه بمفهوم العرض والطلب سيتكدّس شباب المملكة وبناتها في فئات محددة من الوظائف كالوظائف الحكومية أو وظائف الشركات الكبرى بالقطاع الخاص خاصة في ظل التحديات الاقتصادية الحالية، بينما الوضع على النقيض تماماً في القطاعات والوظائف الأخرى والتي يهرب منها أغلب الباحثين عن العمل كوظائف قطاع التجزئة أو الأعمال الحرفية المهنية البسيطة وكذلك البيع والشراء، لافتًا إلى أن الوظائف التي كان ينظر لها المجتمع في الأمس القريب على أنها “عيب” والتي يهرب منها الجميع الآن ستكون هي مستقبل العمالة الوطنية.

وأوضح محمد الصويغ، في مقاله ” ثقافة العيب الحرفي.. إلى متى؟”، بجريدة اليوم، ضرورة إسقاط شباب المملكة العربية السعودية ثقافة العيب الوظيفي من جدول معجمهم، لافتًا إلى أنه لا يوجد توصيف للوظيفة بأنها عيب مادامت الأعمال المنشودة مشروعة قانونًا وعرُفًا ودينًا، محذرًا من اقتصار الحرف المهنية على العمالة الوافدة، مشيرًا إلى أن السعودة الكاملة لن تتحقق على أرض الواقع ما لم يكسر شبابنا ثقافة العيب وينخرطوا في سلك تلك الأعمال في مختلف المشاريع الإنشائية في القطاعين العام والخاص، مُطالبًا أجهزة القطاع الخاص في المملكة بإعداد وتدريب وتهيئة الشباب للانخراط في كل الحرف المهنية وإتاحة الفرصة الكاملة أمامهم؛ لإثبات وجودهم كثروة بشرية تعد من أغلى ثروات الوطن.

وأشار عبد الله الجعيثن، في مقاله ” البطالة.. الإسكان.. التضخم والتستر.. قرار واحد يقضي عليها”، بجريدة الرياض، إلى أن قرار قصر مهنتي البائع وسائق الأجرة على السعوديين فقط، مع تنفيذه وتطبيقه على أرض الواقع، سيؤدي بطبيعة الحال إلى معالجة عدد من الأمراض بعلاج واحد، لافتًا إلى أن أعداد هائلة من العمالة الوافدة التي تسيطر على هذا القطاع ستضطر للعودة إلى بلادها، مشيرًا إلى أن هذا سيؤدي إلى اختفاء البطالة وانخفاض ارتفاع تكلفة المعيشة “التضخم” وكذلك أسعار الإيجارات فضلًا عن القضاء على التستّر أو التهرب من دفع الضرائب ويقوّي ميزان المدفوعات الذي يشهد نزيفاً خطيراً من تحويلات الوافدين غير النظامية ممن يعملون في التجارة وقيادة السيارات

ويواجه موظفو القطاع الخاص من مواطني المملكة العربية السعودية مشكلة عدم الاستقرار الوظيفي الذي تبنته المادة 77 من قانون العمل الحالي والتي تنص على أنه “مالم يتضمن العقد تعويضاً محدداً مقابل إنهائه من أحد الطرفين لسبب غير مشروع، يستحق الطرف المتضرر من إنهاء العقد تعويضاً بمقدار أجر خمسة عشر يوماً عن كل سنة من سنوات خدمة العامل إذا كان العقد غير محدد المدة، وأجر المدة الباقية إذا كان العقد محدد المدة، ويجب أن لا يقل التعويض في هذه المادة عن أجر العامل لمدة شهرين”.

وأشار خالد السليمان، في مقاله “وزير العمل والمادة ??!”، بتاريخ 22 يناير الجاري في صحيفة عُكاظ، إلى أن تصريح وزير العمل الذي يقول فيه إن المادة ?? لا تجيز فصل السعودي دون وجه حق يتناقض تماما مع نص المادة 77 من قانون العمل التي تمنح أيا من طرفي العلاقة حق إنهائها في أي وقت دون سبب مشروع، موضحًا تفهمه حق صاحب *العمل في فض علاقة العمل مع أي موظف يعمل في مؤسسته الخاصة، شريطة تعويضه عن أضرار إنهاء هذه العلاقة، لكن المادة ?? في نظام العمل السعودي لا يمكن أن تحقق هدفها بعدالة إلا في حال توفر حسن النية وعدم التعسف، وما لم تتحقق هذه الضمانة فإن هذه المادة قد تتحول إلى سيف يسلطه صاحب العمل على موظفيه السعوديين، فيصبح نظام العمل في القطاع الخاص أداة لابتزاز الموظف بدلا من وسيلة لحمايته.

وطالب أحمد عجب الزهراني، في مقاله “ضحايا المادة 77″، في جريدة عُكاظ ، وزارة العمل بالتحلي بالشجاعة الكافية، والاعتراف بضرورة العودة لدراسة المادة 77 وتعديل نصها، بعد أن أسيء استعمالها من قبل المنشآت الخاصة، لافتًا إلى أن أعداد المفصولين من أعمالهم بلغت لدى بعض الشركات 300 عامل و3000 عامل دفعة واحدة.

وبدأت المملكة عصرا اقتصاديا جديدا يعتمد على اقتصاديات السوق الحر وعلى الإنتاج بدلا من تصدير النفط كأساس للاقتصاد الوطني إلا أن قطاع الأعمال السعودي كغيره من قطاعات الأعمال يواجه بعض المشاكل والتي يعمل المسئولون على حلها سواء من خلال تغيير ثقافة الشباب وكذلك تعديل بعض القوانين التي تصب في صالح الموظف السعودي وتضمن حقوق صاحب المال في القطاع الخاص.

Adsense Management by Losha