عادل موسى



مثلما برع البعض في الكتابة .. وتميز غيرهم في الخطابة .. تفوّق آخرون في فن الرد .. فأسكتوا محاوريهم .. وشتتوا مناوريهم .. وأقاموا الحجة على من باراهم في الكلام .. فجلبوا له الملام .

وفن الرد على القادح اللائم لا يتمتع به كثير من الناس .. ولا تجده سوى عند قلة نادرة .. فمن لديهم الردود الجاهزة البراقة الأخاذة الوخاذة قليلون .. وحوادثهم معدودة ونوادرهم مرصودة .. ومواقفهم مشهودة .. تنبئ عن فطنة في العقل .. وسرعة في رد الفعل .. وبراعة في صد الهجوم .. وتحويله إلي هجمة مرتدة تنتهي يإحراز هدف في شباك اللائم .. فيرتد على عقبيه نادما آسفا لاعنا اللحظة التي قرر فيها خوض غمار النقاش مع أريبٍ لبيب .

ولأن البادئ أظلم فإن الدائرة تدور على من يريد إحراج غيره ووضعه في موضعٍ حقير الشأن .. *فلا يكاد يُلقي ما ظن أنه ثعبان *حتى يلقي صاحبُ الردِ المفحمِ عصاه فإذا هي ثعبان مبين يلقف مايأفكون .

ويطلق على فن الرد “الجواب المسكت” أي الذي يجبر متلقيه على السكوت فلا ينطق بعدها .. وقد حوت كتب التراث والنوادر قديما وحديثا طرائف عديدة منها ما قاله شخص ثقيل للشاعر بشار بن برد – وقد كان كفيفا –* حيث قال له : ماأعمى الله رجلا إلا عوضه فبماذا عوضك ؟

فقال بشار: بأن لاأرى أمثالك …!!

ومن ذلك قول رجل أراد إحراج المتنبي فقال لـه : رأيتك من بعيد فـظننتك امرأة !!

فقال المتنبي : وأنا رأيتك من بعيد فظننتك رجلا !

كما التقى الجاحظ بامرأة قبيحة في أحد حوانيت بغداد فقال عندما رآها : ” وإذا الوحوش حُشرت ” فنظرت إليه المرأة وكان دميما أيضا وقالت : ” وضرب لنا مثلا ونسي خلقه “.

وفي واقعة أخرى أكل أعرابي عند أميرٍ وكان شرهاً، فقال له ا?مير : مالك تأكل الخروف كأن أمه نطحتك ؟!

فرد ا?عرابي : ومالك تشفق عليه كأن أمه أرضعتك؟؟ .

وقد قال كاتب مغرور للكاتب الكبير برنارد شو : أنا أفضل منك ..

فإنك تكتب بحثا عن المال وأنا أكتب بحثا عن الشرف !!

فقال له برناردشو على الفور: صدقت، كل منا يبحث عما ينقصه .