مشاهدة النسخة كاملة : التسرّع أعمى


ناقل الأخبار
2017-02-12, 12:39 PM
عبدالعزيز المحمد الذكير



أرى أننا حتى في عاداتنا الاستهلاكية (التسوّق وما أشبه) تتحكم فينا عادة الجموح والركض وقلة الصبر والتروّي. ربما أن لطبيعة حياتنا في جزيرة العرب، وأخص منطقة نجد، صلة بهذا، حيث اعتاد قدماؤنا على الرغبة الملحة في إنهاء المهمة كبُرتْ أو صغُرتْ. أسرع لنقل الخيام والماء والأواني والمؤن، متى أجدب المرعى.



حتى عادة التسوّق، وأقصد شراء مستلزمات المنزل من غذاء وغيره، تتحكم بها العجلة والتسرّع وصعوبة الانقياد إلى الحكمة.



من هنا -ربما- تظهر السلع بأنواعها عندنا في المملكة أغلى مما هي عليه في دول الجوار ودوَل البُعد الجغرافيين.



قرأتُ أخيرا قصة البيض المشهورة التي وقعت با?رجنتين حيث ذهب مواطن أرجنتيني الى السوبر ماركت ليشتري بعض احتياجاته. اتجه الى البيض وأخذ طبق البيض للبائع وعندما سأل البائع عن السعر وجد أن هناك زيادة في سعر البيض!! فسأل البائع عن سبب هذه الزيادة؟ فأجاب البائع أن شركة الدواجن رفعت سعر البيض.. بهدوء تام أخذ المواطن علبة البيض وأرجعها إلى مكانها وقال هناك أمور تعوضني على البيض، لا داعي للبيض.. كل المواطنين عملوا نفس الشيء دون حملات أو رسائل.. أو تدخّل وزارة التجارة والبلدية والشرطة، وربما الدفاع المدني! لكنها ثقافة شعب.. شعب لا يرضى أن تبتزه الشركات.. فماذا كانت النتائج؟!



في اليوم التالي أتى عمال الشركات لإنزال إنتاج اليوم في المحلات.. فرفض بعض الباعة إنزال أي حمولة جديدة لأن إنتاج الأمس لم يتزحزح من مكانه.. والبعض الآخر طلب إبدال إنتاج ا?مس بإنتاج اليوم.. ماذا بعد ذلك..؟! قالت الشركات إن المقاطعة ستنتهي في غضون أسبوع وسيعود الناس للشراء بعدها.. لكن الأمر كان مختلفا، مازال الشعب مقاطعا بعض مضي أسبوعين، وشركات البيض تخسر.. الشركات تخسر لإطعام دجاجها وكذلك الإنتاج لا يتوقف فالدجاج مازال ينتج بغزارة.. فتراكمت الخسائر لدى الشركات وتضاعفت.. بعد ذلك اجتمع أصحاب شركات الدواجن وقرروا إعادته إلى سعره السابق.. لكن المفاجأة أن المقاطعة استمرت.. كادت الشركات أن تفلس والمسؤولون عنها جن جنونهم لما يحدث.. فما كان منهم إلا أن اجتمعوا مرة أخرى وقرروا ما يلي: تقديم اعتذار رسمي للشعب ا?رجنتيني عن طريق جميع وسائل الإعلام.. تخفيض سعر البيض إلى ربع قيمته السابقة..



هذه قصة حقيقية وليست من نسج الخيال.. باستطاعتنا كشعب أن نخفض أو نرفع من سعر أي سلعة.. بإرادتنا فقط دون حملات أو رسائل.. نحتاج فقط إلى القليل من الثقافة.. لكن للأسف لا يزال التسرع يحكمنا.

نقلا عن الرياض.



المحتوى من صحيفة ماب

Adsense Management by Losha