مشاهدة النسخة كاملة : هالكنا وناجينا


ناقل الأخبار
2016-12-11, 08:12 PM
أثناء تصفحي لمخطوطة نادرة لرسائل أخوان الصفا بالخط الهندي والتي كتبت في اواخر القرن الثالث الهجري على أيدي دعاة إسماعيلية لفت أنتباهي الرسالة الخامسة والثلاثون بعنوان حواراً بين الناجي و الهالك .. يستحق الإقتباس بكاملة

قال الناجي للهالك : كيف أصبحت يافلان ؟

قال : أصبحت في نعمة الله , طالباً الزيادة , راغباً فيها , حريصاً في جمعها , ناصر لدين الله , معادياً لأعداء الله , محارباً لهم

قال الناجي : ومن أعداء الله هؤلاء ؟

قال : كل من خالفني في مذهبي و إعتقادي .

قال الناجي : وإن كان من أهل لا إله إلا الله ؟

قال : نعم .

قال الناجي : إن ظفرت بهم ماذا تفعل بهم ؟

قال : أدعوهم إلى مذهبي و أعتقاد رأيي .

قال الناجي : فإن لم يقبلوا منك ؟

قال : أقاتلهم وأستحل دماءهم وأموالهم وأسبي ذريتهم .

قال الناجي : فإن لم تقدر عليهم ما تفعل ؟

قال : أدعو عليهم ليلاً ونهاراً , وألعنهم في الصلاة , كل ذلك تقرباً لله تعالى .

قال الناجي : فهل تعلم أنك إن دعوت عليهم ولعنتهم يصيبهم شيء ؟

قال : لا أدري ! ولكن إن فعلت , وجدت لقلبي راحة ولنفسي لذة , ولصدري شفاء

قال له الناجي : أتدري لما ذلك ؟

قال : لا قل أنت .

قال الناجي : لأنك مريض النفس , معذب القلب , معاقب الروح , لأن اللذة إنما هي خروج من الالام , ثم أعلم أنك محبوس في طبقة من طبقات جهنم وهي حطمة نار الله الموقدة , التي تطلع على الأفئدة , إلى أن تخلص منها وتنجو نفسك من عذابها , إذا لقيت الله عز وجل كما وعد بقولة (( ثم ننجي الذين اتقوا ونذر الظالمين فيها جثيا ))

ثم قال الهالك للناجي : أخبرني أنت عن رأيك ومذهبك وحال نفسك كيف هي ؟

قال الناجي : نعم , أما أنا فإني أرى أني قد أصبحت في نعمة الله وإحسان لا أحصي عددها ولا أودي شكرها , راضياً بما قسم الله لي وقدر , صابراً لأحكامه , لا أريد لأحد من الخلق بسوءاً , ولا أضمر لهم دغلاً , ولا أنوي لهم شراً , نفسي في راحة , وقلبي في فسحة , والخلق من جهتي في أمان ! أسلمت لربي مذهبي ودين ديني دين إبراهيم عليه السلام .

وهكذا أعطونا أخوان الصفا درس قبل 1200 سنة بأن التعايش هو سمة اهل الخير والناجين ولكن الفقهاء أغفلوه وقدموا عليه نصوص الإختلاف وتأويل التفرقة وهذه من أفات العلم.



من صحيفة انحاء

Adsense Management by Losha