مشاهدة النسخة كاملة : حان الوقت لنكون مواطنات بكامل الأهلية!


ناقل الأخبار
2016-09-11, 03:46 AM
لا أخفيكم سراً بإنني معجبة بالعديد من النساء المسلمات الذين تركوا أثراً صالحاً، وكل واحدة منهن شكلت في داخلي معنى مختلفًا، فاطمة الفهري تلك المسلمة الرائدة صاحبة العزم التي أسست وبنت أول جامعة علمية في العالم على نفقتها الخاصة، وأشرفت على بناءها حجراً حجراً، فهي سبقت بذلك جامعة الزيتونة في تونس والأزهر في مصر،* وقد استعانت في ذلك بمال ورثته عن أبيها وزوجها.

وفي مكان مختلف آخر، نُقل لنا أن الإمام الشافعي كان يتيم الأب، وقد تولت أمه النجيبة تربيته وتعليمه محولة إياه إلى مدرسة فقهية وإماماً من أئمة المسلمين، وهكذا كانت أم الإمام أنس ابن مالك حيث روى إبنها قائلاً: “كانت أمي تلبسني الثياب، وتعممني وأنا صبي، وتوجهني إلى ربيعة بن أبي عبد الرحمن، وتقول: “يا بني! ائت مجلس ربيعة؛ فتعلم مِن سمته وأدبه، قبل أن تتعلم مِن حديثه وفقهه”.

أما في مجال الفقه وعلومه فقد وصفت الواعظة الفقيهة وتلميذة شيخ الإسلام ابن تيمية فاطمة بنت عباس البغدادية بـ”سيدة زمانها”، لما لها من أثر في التعليم والخطابة بالسنوات التي عاشتها متنقلة في دول عربية مختلفة.

هؤلاء النساء خلدهن التاريخ بسبب أفعالهن ودورهن في صناعة حياة أفضل لغيرهن، وبإمكانات متعددة ومختلفة. واضعة هذه النماذج العظيمة أمام كل من يشكك بقدرة النساء على إحداث تغيير قد يفوق جهد العديد من الرجال المجتمعين، ولكي أخرس القائلين بإن الإسلام قد “حجر” على المرأة وضيق من دورها وجعلها خلف قضبان الجهل والتضييق، داعين إياها إلى التعلق بالنموذج الغربي في مايسمى بـ “تحرير المرأة”.



كفاءات قيّمة ومساحات وحقوق ضيقة

لا يخفى على أحد أن هناك رأيا عاماً يناقش قضايانا ويتناولها بشرح مستفيض مؤيدين أو منتقدين لصحوة حقوقية تتناول قضايا النساء وحقوقهن في مجتمعنا، لأكثر من 50 يوماً تصدّر هاشتاق يطالب بـ (اسقاط الولاية) عن النساء بوصفه عائقاً أمام الكثير من العاملات والإجراءات المطلوبة، وتخلل خلال هذا الهاشتاق طرح مشاكل أخرى من قبيل “التعنيف” “التوظيف” “التمييز” وغير ذلك من ممارسات بالغة الخطأ من قبل بعض الذكور الممنوح لهم نظاماً سلطة التحكم في حياة النساء وتحديد خياراتهن وطريقة معيشتهن.

ولعله من المناسب التذكير بأن هناك حقوقاً أخرى يجب التحدث فيها وإبرازها لإيجاد خريطة حقوقية أكثر تحديداً نساعد بها أنفسنا أولاً دون تضييع لبقية الحقوق الأخرى المسكوت عنها ولإبرازها للناس ولولاة أمرنا-حفظهم الله- للعمل على معالجتها وبما يتناسب مع مجتمعنا الحديث.



نقص الأهلية..العائق الأكبر!

من الواضح والمعلوم أن المرأة تُعامل على أنها ناقصة الأهلية منقوصة الإرادة، فهي لا تستطيع أداء الكثير من مهامها دون الرجوع لولي الأمر حتى ولو كان الأمر يتعلق بتوقيع بسيط للاستخراج ورقة في مكان ما، وفي هذا الأمر تقول د. سهيلة زين العابدين في مقال لها منشور في صحيفة المدينة بتاريخ 25.03.2014 :”كلي أمل أن تعاد لنا ـــ نحن السعوديات ـــ أهليتنا التي منحنا إيّاها الخالق جل شأنه وسلبها منا المخلوق بدون أي وجه حق، وأصبح تنقلنا الذي منحنا الله حريته مرهوناً بموافقة ذكورية وضعنا تحت وصايتها من الميلاد إلى الممات بموجب أنظمة وقوانين تتناقض مع الأهلية الكاملة التي منحنا إيّاها الخالق مثلنا مثل أشقائنا الرجال، فكلانا تحمّل أمانة الاستخلاف، وكلانا متساوٍ في الأجر والثواب، وفي القصاص والحدود والتعزيرات والعقوبات، وكلانا أولياء بعضنا البعض في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر…”.

وبسبب إعتبار المرأة “ناقصة الأهلية” تتعطل مصالح الكثيرين منا ويتم معاملتها على أنها “قاصر” غير قادرة على إتمام معاملاتها.

وفي حوار منشور لعضو هيئة كبار العلماء الشيخ عبدالله المنيع مع صحيفة “عكاظ”، قال فضيلته:”إن المرأة “ولية نفسها” في أمور حياتها كافة، ولا ولاية عليها إلا في النكاح، ولها مثل ما للرجل من حقوق، وأنه وبمجرد بلوغ المرأة، فلا ولاية عليها إلا في الزواج إذا كانت عاقلة قادرة على إدارة أمورها، ولها حق التصرف في أموالها، والتوكيل، والبيع والشراء”.

أتساءل بيني وبين نفسي..لِمَ لا يتم تقنين الولاية على المرأة وجعلها محصورة في النكاح؟ ثم إن كانوا يرون أن المرأة ناقصة غير كاملة الأهليةـ فكيف يسمحون بمشاركة أعضاء إناث في مجلس شورى يساهم في القرار الحكومي، وكيف تستطيع عضو مجلس الشورى أن تشارك في تقرير مصيرنا وهي التي لا تستطيع تقرير مصيرها إلا بموافقة وليها؟ كيف لها أن تساهم في تحديد حياة الملايين وهي نفسها لاتستطيع تحديد حياتها؟! كيف لها أن تخرج ممثلة عنا وهي لاتستطيع استخراج جواز سفر الا بموافقة وليها؟ لماذا نحن لا نشبه بقية الدول الإسلامية التي تعطي دوراً وحقوقاً أكبر للمرأة؟ ولِمَ لا تُعامل المرأة أمام القانون على أنها كيانٌ قائم بذاته لا حاجة للرجل في التأكيد على وجوده وإثباته.



من حقنا أن نعمل وأن يكون لنا صوتنا المعبر عنا!

مشكلة العمل وإرتفاع معدلات البطالة لدى النساء بالتحديد مؤشر مقلق، فقد كشفت الهيئة العامة للإحصاء عن ارتفاع نسبة الإناث العاطلات عن العمل إلى 21.4%، وذلك خلال الفترة ما بين عامي 2012م و 2015م، وعلى الرغم من وجود أسباب كثيرة ومختلفة لإرتفاع البطالة لدى النساء، إلا أن نوعية الوظائف المطروحة والمخصصة للنساء هي في ذاتها إحدى المشاكل، كون أن عدداً من الوظائف لايسمح للنساء بالتقدم لها، بالإضافة إلى تحديد ولي الأمر على المرأة نوعية العمل الذي ستعمل به، وفي مجال التجارة لاتستطيع المرأة أن تمارس جميع أعمال التجارة المسموح للرجال بها، كما أنها لاتستطيع إدارة مالها ومشاريعها وشركاتها إلا بوضع رجل ينوب عنها.

فَلِمَ لا يكون هناك تنظيمٌ أكثر إنصافاً للمرأة لكي تستطيع المنافسة والتحرك بنفس المساحات التي يتحرك بها الرجل؟ و لِمَ لا يوجد قانوناً يمنع التعرض والتحرش بالمرأة أُسوة بدول أخرى جرّمت التحرش و حدّت من المضايقات التي قد تتعرض لها بعض النساء في أماكن عملهن وحركتهن؟

لا تستغربوا من تحدثي عن هذه الأمور رغم أني لست بالتاجرة أو الموظفة، فقد وجدت أن أفضل من يتحدث عن مشكلته هو صاحب المشكلة، فالمرأة هي الأقدر على التحدث عن مشاكلها والتفكير بحلول لها، لكوننا أكثر تفهماً لما نواجهه من صعاب بشكل يومي، وقد تعجبت أشد العجب من وجود بعض الرجال ممن يتطاول على النساء بأوصاف شنيعة جراء مطالبتها بحقوقها المسكوت عنها ووقوفها ضد التعنيف والتمييز، أو مطالبتها بمزيد من الحقوق للمعّنفات والمطلقات وحقوقاً أخرى أقرها الدين الحنيف، وهو إن كان يتوهم بإنه يدافع عن أمر في الدين إلا إنه وقع في كبيرة من الكبائر وإحدى السبع الموبقات، فلا هو نصر حقاً ولا دفع باطلاً إنما جعل الملائكة التي تقف على شماله مشغولة بتدوين ما طفح به لسانه وهو على ما نطق وتحدث سيحاسب حساباً عسيرا!.

كتبت ما كتبت وكلي أملٌ وإصرار بأنّ ما ذهب وفات لن يمتد أثره كثيراً، وأن صحوة العقول وزيادة الوعي الحاصل لدينا نحن النساء في حقوقنا والمطالبة بها سيعود بإثر طيب علينا وعلى المجتمع كله.



من صحيفة انحاء

Adsense Management by Losha