في ثامنة داود الشريان ومن قبل في سوق واقف ولاحقا في دار الأوبرا المصرية* ظهر محمد عبده فنان العرب بنفس الثوب ونفس الفكر فيما كنت وكثر معي يتوقعون خروجه من جلباب أهل المغنى بعد ما بلغ من العمر عتِيا ليعلن* توقفه في هذه المحطة، ولكن ظني خاب.

أخذ هذا الفنان العملاق من حلو الزمان وردَيه، وتجمعت في مشواره مجموعة إنسان بصيفها وشتائها ومن كل ضد وضد، وتنقل في الأماكن، وطال سفره هنا وهناك، وبعثر رسائله مرورا بدنيا تسأل عن خبر ، وجمع المال والشهرة بل جمع المجد* بطرفيه! فماذا بعد؟ ما بقى في العمر مقدار ما راح منه!

“مسنً” يزينون له عشاقه غيه، واستمراء المجاهرة، وزخرفوا له هذه الدنيا الفانية في “برواز” الباب والسور والحارس ، عمل هذا العملاق لدنياه ما يكفي فهل بدأ يفكر في آخرته؟ هازم اللذات لا يعرف ” دستور” ولا* يسلم بكفه ، بل ينزعها نزعا وعندها لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم.

حان موعد توقف المسنٌ الوقور وهو لا يزال على”البال” ليبقى حلم في عين الحقيقة ، أزف الوقت وبدا السير نحو دوائر الأعمال الجليلة، زيارة دور العجزة والأيتام والمعوقين ومساعدة المحتاجين ، حان وقت الرحيل عن الأجواء الفنية التي تعمي البصائر وتنمي الغرور والكبرياء، حانت ساعة الخير ولا شيء سواه.

متى يتوقف محمد عبده عن مسامرة العود والكلمات المبعثرة؟ متى يقول انسوني واتركوني أعيش في زاويتي الأخيرة بطريقتي الخاصة بعيدا عن إعجاب الزهو ورنين الدراهم وأوتار القلوب، متى يقول للنفس الأمارة بالسوء أعلنت عليك الصمت ؟

ظهور محمد عبده الأخير في دار الأوبرا ومن قبل واقفا في سوق الدوحة أو” ثامنة الشريان” يشير إلى نهاية مجد سيحترق بعوامل تعرية الزمن مالم يبادر بإعلان توقف الشدو قبل أن يجبره الزمن الرحيل المرً…..من رطب قلبه بذكر الله لن يتعب من جفاف الحياة!!!*



من صحيفة انحاء