مشاهدة النسخة كاملة : مدونة يوميات صائمة


ناقل الأخبار
2016-07-05, 07:02 AM
حين تغيب شمس نهار كل يوم من رمضان لايلبث ان ينتهي الإفطار ويذهب افراد العائلة كُلٌ يمارس اعماله وهواياته لتبدأ ضوضاء تلك الصحون بعد يوم شاق ومرهق في المطبخ لصنع المعجنات ومالذ وطاب ..

تقوم بالإغتسال والإستحمام والتطيب بأثمن الأطياب دهن المسك الذي لايفوح خشية أن تصيبها لعنة الملائكة وتسابق خطواتها لذلك المسجد الذي ارتاح لها قلبها فهي تستشعر روحانية وتخشع لصوت ذلك الإمام الجليل ..

وإنه من أجمل طقوس رمضان الشهيرة في المساجد البخور والعود والطيب خصوصاً في مصلى الرجال تفوح منه عطراً عبقاً

حين تدخل بين صفوف المُصليات لترى الجمع الغفير فتدُهشها تلك العجوز التي معها عكازاً وقد أنهكها السير حتى تصل لمحرابها وتتلاقط أنفاسها بصعوبة وتأتيها تلك الصبية الصغيرة لتعطيها الماء .. وإني أقول في نفسي جزى الله خيراً من تصدّق في وضع تلك الثلاجة ووفر الماء وفي بعض الأحيان أرى حتى علب العصير التي وضعت خصيصاً للأطفال

يا الله كم هي ‏مُريحة هي أحاديث السجود .. تجبر كسورنا وتضمّد جراحنا .. فنُطيل السجود لله وتضيقُ فجوات الوجع منا ونسترد قليلاً من طمأنينتنا التي سلبتها الحياة منّا

لحظات التفت يميني وشمالي لأرى المُصليات من بلادي وممن أتين من دول مجاورة ..وبعضهن تلك التي جاءت بأطفالها ( الأشقياء المُزعجين ) أعلم جيداً أنهن حريصات على صلاة الجماعة ولايستطعن ترك اطفالهن في البيوت لوحدهم ولكن كم أقلق خشوعنا أصوات أبنائهن فذات مرة لاأُخفيكم أنني لا أُحب أن اجرح احداً فكُنت بجانب تلك الأخت التي جاءت من بلاد بعيدة ومعها طفلها الذي يعبث فوق رأسي حين سجودي ويصرخ باكياً .. فحين فرغ الإمام من التسليمة الأولى نهضت وذهبت بعيداً عن صفها لأجد لي مكاناً تسمو فيه روحي مع تلاوة الإمام وتتعمق فيه احاسيسي ..

كم اتساءل في نفسي حين ذهابي كل يوم للصلاة في تلك الطُرقات الأبيض والأسود والعربي والعجمي والكبير والصغير والمريض والمتعافي كل الناس هنا في المسجد سواسية لافرق بين غني وفقير ولا ابيض واسود ولافقير ولا غني وصاحب منصب كلهم يتساوون أمام الله عدا في تقواهم وخشيتهم وخشوعهم .. فترى كل من جاء يجتهد لينال أجراً من الله بكل إخلاص فيسدون الفراغات بين الصفوف ويجتهدن في المساهمة في نظافة المسجد .. وكم افرحني انني حين فرغت من الصلاة وجدت طالباتي جئن للسلام علي وفرحت والله برؤيتهن واني في نفس الوقت وجدت معلماتي بين تلك الصفوف ووجدت جاراتنا اللاتي لم تسمح لي الفرصة بزيارتهن منذ زمن وصديقاتٌ قد فرقتنا الأيام عن بعضنا ..

ولا أنسى ذلك الموقف حين صليت فوجدت تلك التي بها علة في جسدها ولاتستطيع الإطالة في الصلاة

فوضعت ذلك الكرسي ليعينها .. ولاتلك التي أصبعٌ من يديها مبتور .. وكم كُنت أفكر في نفسي أن أذهب لعيادة تجميل كي أُبرز ملامح جديدة وجميلة لي فحين رأيتهن حمدت الله على نعمة الصحة والعافية ولُمت نفسي وجهلي .. حين نرى الابتلاء فيمن حولنا تهون عندنا حالنا ونشكر الله ف نحن لانعرف حق نعمة الله علينا ونغفل عنها كثيراً

حقاً تلك الثلاثون يوماً كفيلة في تغييري ، وكم انطبعت فيني مشاعرُ روحانية جميلة .. يعجز قلبي عن استشعار ختامها وحرماني عامٌ كاملٌ منها .. عادت لمخدعها لتختبئ وقتاً حتى تعتاد عودة الأيام الخالية من رمضان وروحانيتها وهي تردد في نفسها سيعود رمضان ولكن هل سنعود معك ..

بالُمناسبة

‏زيّنت ليالي العشر بطقوسٍ خاصةٍ بي فصنعت لي عقداً من اللؤلؤ في كُل حبة استودعتها دعوة بيضاء وكررت معها تعاويذ تقيني ومن أحب شرور وفواجع الدنيا

‏ولي في القيام سجودٌ وكنوز رجاء أن يُديم لي أحبتي ..

ختاماً

اسأله تعالى أن يتقبلنا ويُجعلني واياكم ممن يصومه أعواماً عديدة وسنواتٍ مديدة



من صحيفة انحاء

Adsense Management by Losha