مشاهدة النسخة كاملة : حكايات سوق الجمعة: زيد وحوريّـة جـداويّـة (?)


ناقل الأخبار
2016-07-03, 09:03 PM
قضى زيد ليلته، بعد عودته من زيارة سلمى وليلى، يقول زيد: كانت تلك الليلة أشد من ليالي الإمتحان النهائي في كلية الهندسة، لم أكن مصاباً بالأرق، بل كنت مشتتاً في التفكير والتفكيك لذلك السر الغامض لكي تقدم سلمى إبنتها على طبق من ذهب، لشاب عاطل، يعيش في غربة، وسط مدينة تكتظ بأناس لا يعرفهم، مع والدة كفيفة تستحق كل عناية ورعاية وإهتمام. سأل زيد نفسه خلال رحلة التفكير والتفكيك تلك: هل أنا جاهز ومستعد للإرتباط والزواج؟ يستطرد زيد: أنا لا أعرف معنى الزواج. معظم جيلي الذي هاجر من القرية إلى المدينة لا يعرف الزواج والإرتباط بحياة زوجية من بنات المدينة. كل مالدينا، يقول زيد، هو موروث لا يمكن الإعتماد عليه في بناء بيت وأسرة في غير البيئة التي نشأنا فيها. البنت في المدينة تتطلع إلى نوعية حياة زوجية لا تقل عن ما تشاهده هي في الأفلام والمسلسلات. يضيف زيد: إذا كان البعض في مجتمعنا لازال يؤمن بتكافؤ النسب، فإن الأولى والأسلم والأكثر منطقية، هو تكافؤ الفكر، لا تستوي حياة زوجية بين أمي ومتعلمة، والعكس صحيح. إختلاف الأرضية المعرفية، يجادل زيد، كفيل بظهور سوء الفهم، وإنعدام المرجعية المشتركة بين الزوجين، ثم تنتهي تلك العلاقة التي بدأت بالفرح إلى بؤس وشقاء.

في الجانب الآخر، يرى زيد في الحكاية بأكملها قضاء وقدر رباني، ويتساءل: لماذا لا تكون ليلى هبة من الله سبحانه وتعالى ساقها إلي؟ عاش زيد أيام وليالي وهو يكتم سره، إذ لا صديق ولا جليس ولا أنيس له في المدينة. ولو حاول الذهاب إلى القرية حيث أقاربه ومعارفه فلن يفيدوه في شيء. مع الأيام وفكر زيد يميل نحو التفكير في ليلى وجمالها وأدبها وحسن خلقها، ولذة صينية الباذنجان التي طبختها ليلى إكراماً له. لكن ماهو مشروع ليلى الذي تنوي القيام به؟يتساءل زيد. وماهو مفهوم ليلى عن كيفية الحياة التي تخطط أن نعيشها؟ ولماذا لا يكون كل ذلك أحلام فتاة عاشت معظم حياتها وتعليمها في الخارج؟ قرر زيد أن يكون إيجابياً ويطلب من ليلى أن يلتقيا في مكان مناسب لكي يناقشوا كثير من التفاصيل التي تؤرقه. كما قرر أن يزور والدته في القرية ويطمئن عليها ويجس نبضها حول زواجه من واحدة من بنات المدينة، وليس كما تخطط والدته أن يتزوج بنت شيخ القرية.

بعد أيام، إتصل زيد برقم ليلى ولا من مجيب، فترك رسالة صوتية. في المساء ردت ليلى الإتصال، وبعد السلام والمساء والتحايا، سألها زيد: هل تتضايق والدتك لو دعوتك على فنجان قهوة أو على الغداء، عندي مواضيع كثيرة بودّي أن أناقشها معك. سألته ليلى: متى؟ رد زيد: الأسبوع القادم بعد عودتي من القرية. قالت ليلى: أخذ رأي ماما، وأعطيك خبر. يقول زيد: كانت المكالمة أشبه بمكالمة عمل، لم يتخللها أي كلام رقيق او إظهار مشاعر أو عواطف، لا هي بدأت، ولا أنا أقدر. ذهب زيد بعد يومين إلى القرية بعد أن تلقى رسالة نصية من ليلى تخبره أن والدتها موافقة، وبعد أن تقاول زيد مع عدد من الأشخاص لإتمام عمله في مسح وتنظيف سيارات عملائه، عاد زيد بعد عشرة أيام، وكان من المفترض أن يبقى في القرية أسبوع على أقصى تقدير. كان زيد متلهفاً لرؤية ليلى التي زارته عدة مرات في الخيال وفي المنام. إتصل زيد بهاتف ليلى، لكن الذي رد على الإتصال والدتها. فوجيء زيد، لكنه بادر بالتحية، قالت له سلمى: مساء الخير ياولدي، قطعتنا، قلنا يمكن جرى لك شيء من الأكل اللي أرسلناه. قال زيد: أنا آسف يا خالة، كنت مشغول وسافرت القرية أزور والدتي، وبلغت ليلى. قالت سلمى: أعرف ياولدي، أنا أمزح معاك، كلمتني ليلى، لكن أيش رأيك تتقابلوا هنا في بيتي، وأنا أطلع أزور بعض معارفنا؟ يقول زيد: أُسقط في يدي بعرض سلمى أن نتقابل في شقتها، لكنني تشجعت وقلت: شكراً يا خالة، لكني أفضل أن أعزم ليلى ونلتقي في مقهى أو مطعم. ردت سلمى: اللي تشوفه ياولدي، هذي ليلى معاك. هنا سنترك زيد وليلى على الجوال، وسنواصل حكايتهم الغريبة العجيبة لاحقاً.



من صحيفة انحاء

Adsense Management by Losha