مشاهدة النسخة كاملة : حكايات سوق الجمعة: زيد وحوريّـة جـداويّـة (?)


ناقل الأخبار
2016-06-27, 01:55 AM
جلست ليلى والشاي بجانبها، وزيد أمامها، أما سلمى، والدة ليلى فقد ذهبت للقيلولة. ساد شيء من الصمت لثواني معدودات، مرت كأنها عمر، كما يقول زيد، هو يريدها أن تبدأ الحديث، وليلى تريد منه أن يبدأ. تخلص زيد من بعض الرهبة الممزوجة بشيء من الخجل، وقال: ماشاء الله طبخك لذيذ، وأعتذر تعبتك، وكلفت عليكم. ردت ليلى بشيء من الثقة، بعد أن إعتدلت في جلستها، تعبك راحة. هنا كانت ليلى أشجع من زيد، وأكثر ثقة ونضج. حكيني عن نفسك، طلبت ليلى. تلعثم زيد، وقال: أنا قليل الحظ، إذا جاز الوصف، تخرجت من كلية الهندسة قبل ثلاث سنوات، وبتقدير ممتاز، زملائي التحقوا بوظائف حكومية وفي القطاع الخاص، لكن ما صادفني الحظ. ردت ليلى: خِيرة، الإنسان ما يعرف وين لقمة العيش. هنا عادت لزيد رباطة جأشه وقال: هذا صحيح، لكن حكيني عن نفسك، تقول والدتك أنكم تعرفون عني كل شيء، أنا أبعرف مين ليلى؟ إبتسمت ليلي إبتسامة عريضة وقالت: حاضر، أنا سأختصر لك من أنا في دقائق.

صحيح أن والدتي تعرف عنك الكثير، وأنا شاهدتك مرات عديدة، وأعجبت بشخصيتك وأدبك وجهدك في كسب لقمة العيش بعرق جبينك. أنا يتيمة وترك لي والدي، رحمه الله، ثروة طائلة، أنهيت دراسة البكالوريوس في الإدارة من الجامعة الأمريكية في بيروت والماجستير في التسويق من جامعة لندن. توفي والدي وأنا في بريطانيا وصادف ذلك فترة الإمتحانات، ورفضت ماما عودتي لحضور العزاء. أنهيت دراستي في بريطانيا بعد وفاة والدي بستة أشهر، ثم عدت إلى جدة قبل سنة ونصف. إستطردت ليلى في الحديث، وقالت: أمي مثل كل الأمهات الشرقيات “تزّن” على راسي بالزواج، وقناعاتي ترفض الزواج التقليدي خصوصا وأن معارفنا هنا في جدة قليل، وأمي مشغولة بموضوع الثروة والمال، تخشى أن يتزوجني شخص من أجل المال، لهذا، سكنت ماما هنا في هذه الشقة، ولا أحد يعرف أننا أغنياء، كل هذا حرص من ماما. أنا أصرّيت، تقول ليلى، على أن أختار شريك حياتي بنفسي وعن إقتناع ورضى. أمي عندها كرامات وتقول انها تعرف عنك الكثير بواسطة “الرؤيا” وهذه الكرامات متوارثة في عائلتها في اليمن. كانت تحدد قبل بوقت كل الأحداث التي تحصل معك.

كان زيد يستمع بدهشة وينظر إلى ليلى وهي تتحدث بكثير من الإعجاب. يقول زيد: كنت مندهشاً من أمور “المنامات” التي تراني فيها السيدة سلمى، والتي تسميها ليلى “كرامات”، لكن ما شدني أكثر هو لباقة وفصاحة ليلى، والأكثر من ذلك جمالها. يصف زيد جمال ليلى بكلمتين ” الحسن الإستثنائي”. كل ما فيها جميل، يقول زيد، وجهها وإبتسامتها وجسمها وشعرها وقوامها ومشيتها، والأكثر من ذلك بحة صوتها ورقته. سألها زيد: لماذا أنا؟ وأردف: أنتِ بنت جميلة وثرية ومثقفة ومتعلمة، وستجدين أفضل مني ألف مرة كزوج، لماذا إخترتيني؟ ردت ليلى على عجل: المرأة تبحث عن رجل ناجح، والناجح هو الذي يتحمل المسئولية، وأنا، تقول ليلى، تناقشت مع ماما كثيراً ولمزيد من الصراحة: أنا إخترتك. لم يتوقع زيد أن ليلى ستكون شفافة بهذا القدر. أضافت ليلى: بعد ما شفتك بالصدفة أكثر من مرة، وتبعتك وراقبتك وانت تذهب كل مساء لغسيل السيارات، ومتى تعود، دخلني شعور وإحساس بأنك الرجل المناسب. أخبرت أمي قبل أربعة أشهر عنك، وبعدها بدأت ماما في التركيز عليك ومعرفة كل شيء عن ظروفك وشخصيتك ومسئولياتك.

سمع زيد السيدة سلمى تنادي، فذهبت ليلى إليها وساعدتها حتى جلست في كنبتها الوثيرة في الصالون، ثم إنصرفت لتحضر الدواء لوالدتها. سنترك زيد عند سلمى وليلى. ونعود لسوق الجمعة مخزن الحكاوي والحكايات بقدر عدد زواره ومرتاديه. قصص لا تنتهي، وحكايات بعضها أغرب من الخيال، وبعضها تقطر حزناً لما فيها من أسى ومأسي. لكن ما يشدنا إلى سوق الجمعة هي قصص النجاح التي تملأ دكاكين وجنبات السوق.



من صحيفة انحاء

Adsense Management by Losha