لطالما كنت من دعاة نبذ الطائفية في العالم العربي ككل وفي المملكة على وجه الخصوص، خاصة بعد أن استعرت هذه الفتن في السنوات الأخيرة على يد إيران المصدرة لأدران هذه الطائفية. ولطالما، أيضا، نقلت صورا من التعايش في المنطقة الشرقية بين الشيعة والسنة الذين يتجاورون في بعض الحارات ويغشون بيوت بعضهم ويتشاركون المصالح التجارية ويأكلون من صحن واحد ويشربون من بئر واحدة.

ومن أشهر القصص الشعبية التي يتداولها أهل المنطقة للتدليل على تسامحهم وتحابهم وتراحمهم قصة ذلك الشيعي الذي كان يترك السراج مضاء على بابه لكي لا يتعثر المؤذن السني وهو في طريقه للمسجد مناديا لصلاة الفجر. وقصص الجيران من الطائفتين الذين كانوا في الستينات والسبعينات يترافقون مشيا في الطريق إلى أعمالهم في (أرامكو)

لا تكاد تحصى، حيث لم يكن في وارد أي منهم سوى الأخوة في الأرض والأمن والرزق الحلال.

هكذا كنّا وهكذا يجب أن نبقى باعتبارنا مواطنين سعوديين يضعون أنفسهم في منطقة الحب المتبادل ويضعون بلدهم وأمنها في صدارة اهتمامهم ويقطعون الطريق على كل من يتربص بهم في الداخل أو من الخارج. ولذلك لا بد أن نحيي أولئك المواطنين المخلصين من الطائفتين الذين أطلقوا مؤخرا حملة (إحنا أهل) ليؤكدوا على أن الماضي الجميل يغيب ولا يموت. والمطلوب فقط أن ينفض عنه غبار التربص والتنطع والتكسب السياسي والاجتماعي ليكون أزهى وأفضل من السابق.

إحنا أهل على طول وليس فقط مدة هذه الحملة الجليلة التي أعلن منفذوها أنها ستستمر لأربعة أسابيع. نريد على الدوام أن تسخر الأفكار والمقالات والحوارات والتغريدات ومجالس البيوت للتأكيد على تشارك كل مواطني المملكة في المصلحة والأمن الوطني والاجتماعي الذي خسره كثيرون بفعل فتح أبوابهم لرياح الطائفية العاتية التي فرقتهم ومزقتهم وأعادتهم قرونا إلى الخلف.

العاقل هو من يفتح عينيه واسعتين ويتعظ مما يجري حوله ويتقي شر المحرضين والمؤلبين الذين ما فتئوا، من الطرفين، يكومون حطب الطائفية ويتفرجون على إشعال الفتن وتقسيم الحارات إلى معسكرات حرب يتقاتل فيها أبناء الوطن الواحد باسم الدين.!!

عكاظ



من صحيفة انحاء