مشاهدة النسخة كاملة : حزب المُحبِطين السعوديين!


ناقل الأخبار
2016-05-05, 01:06 PM
قبل سنوات قليلة قدمت المؤسسة العامة للبريد مشروعا طموحا، تضمن افكارا عديدة، كان من بينها البدء في توزيع صناديق البريد على منازل المواطنين، وهو حدث لم يختبروه السعوديون من قبل.

لم تستطع المؤسسة إخراج الكثير من المواطنين والمراقبين من الصندوق، وأصبح الجميع حبيسي ذلك الصندوق الحديدي، ينتظرون متى تنزل فيه أول رسالة، وأول خدمة من حزمة الخدمات التي وعد بها «البريد» مواطنيه، في الوقت الذي تجاوزت البرامج المطروحة ذلك الصندوق بمراحل.

اليوم وبعد أقل من أسبوع على صدور «الرؤية الوطنية 2030»، سقط الكثير في فخ أعمق وأغرب من ذلك، فالبعض خلطوا بين الرؤية كإطار عام وأهداف تسعى لتحقيقها وإنجازها الدولة العام 2030، وبين برنامج التحول المرتقب تدشينه خلال أسابيع، وهو أقرب ما يكون للخطط الخمسية السابقة، ولكن بآليات قياس وأفكار قادرة على تحقيق الرؤية.

المبهج أن تقدم السعودية لأول مرة رؤية إستراتيجية وأهدافا وطنية كبرى، تسعى لتحقيقها خلال عقد ونصف، لكن المؤسف أن هذه الرؤية واجهت خلال ساعات من صدورها تذمر وتحفظ «حزب المحبطين»، الذين هم خليط من «الحكوكيين» ومناضلي الغبار والمطر وفواتير المياه.

ولنتعرف عليهم أكثر، فلا بد من فهم منطلقاتهم ومكاسبهم التي خسروها، فبعضهم من المعجبين المندهشين الدائمين بكل مبادرات وجهود ورؤية الأتراك والقطريين واليابانيين والنيجريين.. الخ.

يا لهذا «العشق الممنوع» بكل فكرة تطرحها الدول التي تحتضن مزارعهم وشققهم ومغامراتهم وهياطهم، وفي الوقت نفسه يتحفظون على أي مبادرة تخرج من أروقة وطنهم، ولا يريدون أن يعطوها الفرصة لتولد وتترعرع.

طوال سنوات ونحن نسمع منهم تلك المحاضرات الطويلة، والمعزوفات الحزينة، عن ضرورة تنويع مصادر الدخل، وخطورة عدم وجود بدائل للبترول، وكيف أننا سنغرق ذات يوم في صحراء الفقر والجوع والعطش، لأن العالم سيتخلى عن الطاقة التي نصدرها، أو ستنتهي أهميته.

وعندما بدأت الدولة في تبني تلك الأفكار وإعادة تدويرها بطريقة طموحة تناسب البلد والمجتمع، لنتمكن من الانعتاق من إدمان النفط ومنتجاته المالية، انتكس حزب المحبطين عن طلباته.

المهم في «حزب المحبطين» أنهم ليسوا وحدهم، بل انضم لهم بعض مطلقات المؤسسات الإدارية العميقة، إما لأنهم لم يجدوا مكانا لهم مع هذه الرؤية، أو لأنهم اعتادوا على نظام إداري بيروقراطي، أوكل لها التصرف في مئات البلايين خلال عقود، وهاهي نتائجهم في شوارعنا ومستشفياتنا ومدارسنا وكل تفاصيل حياتنا، مجرد تنمية ناقصة مشوهة، لم تحقق الحد الأدنى من طموح المواطن والحاكم.

لقد نسوا أنهم لم يتركوا مقالا ولا وسيلة إعلامية ولا مجلسا، دون أن يذكرونا كيف تقدمت دبي، وتألقت إسطنبول، وتجاوزت كوالالمبور الزمن، دون أن يراعوا أن ذلك لم يأت من فراغ، بل لأن الأيدي التي تعمل هناك ليست أيديهم، والعقول التي تفكر ليست عقولهم، ولأن المتحفظين تركوا المشروع يمر ويكبر دون أن يعيقوه أو يقفوا في طريقه لمجرد مصالح ضيقة أو حزبية، وقوموه بالنقد الإيجابي.

مؤسسة جمع المال السهل، هي أيضا، لم تنس أن تقف في المنطقة الرمادية، خوفا على مكاسبها، لأنها ستكون مجبرة على دفع تكاليف الخدمات والمجانيات التي تعودت على الاتكاء عليها طوال عملها.

لقد استفاد البعض من العمل المريح، والأموال الطائلة التي صبت في جيوبهم بلا مجهود، مكاسب انهمرت عليهم كالمطر، إما بالتقرب من دوائر القرار، أو من خلال المحسوبية، والعلاقات التي بناها التزلج على جبال كورشفيل، ومقاهي الشانز، ومطاعم ماربيا، وحان الوقت أن يدفعوا ثمن الخدمات والطموحات والأمن والرفاهية التي يريدون العيش بها.

عكاظ



من صحيفة انحاء

Adsense Management by Losha